logo Ministry of Foreign Affairs
الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية
سفارة الجزائر بالمنامة

السفارة الجزائرية بالمنامة تحتفي بيوم النصر 19 مارس 1962: تضحية، نصر ووفاء

السفارة الجزائرية بالمنامة تحتفي بيوم النصر 19 مارس 1962: تضحية، نصر ووفاء

تحتفي الجزائر في يوم 19 مارس من كل سنة بعيد النصر، هذا العيد الذي يؤرخ لاتفاق وقف إطلاق النار الذي أبرم بين الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية وحكومة الاحتلال الفرنسي بتاريخ 19 مارس 1962. فمسار التضحية كلل بالنصر والنصر أوجب الوفاء لصانعيه.

وبالفعل جاء هذا النصر مكللا لملاحم من النضال والجهاد وبعد أن ضحت الجزائر بالملايين من الشهداء على مذبح الحرية خلال ثورات لم تعرف البشرية لها مثيل ضرب خلالها شعبنا أعظم الأمثلة في البطولة والتضحية والفداء.

والحال أن الثورة الجزائرية قد انتهجت مقاربة تتسم بالموازنة بين العمل العسكري في الداخل والنشاط السياسي والدبلوماسي في الخارج. ففي الوقت الذي لم توصد أبواب الاتصالات أمام المستعمر بهدف تمكينه من الإنحناء لمطالب الشعب في الانعتاق والنجاة بجلده، لم تتراجع قيد أنملة عن هدفها الأسمى الذي هو تحرير البلاد وكامل البلاد من براثن الاستعمار وجبروته ولم تترك له سوى مخرجا ينقذ به نفسه من المستقنع الذي غرق فيه. وبفضل تشبث قيادة الثورة آنذاك بالمطالب الوطنية بصرامة، فشلت عدة مفاوضات سرية سابقة تكررت في فترات متقطعة ما بين سنوات 1956 و1959 بسبب ركون الاستعمار لأطماعه والتعلق بمكاسب حصل عليها دون حق في أرض ليست أرضه. والدرس الأعظم الذي يتعين أن يستلهم من هذا المسار هو حرص قيادة الثورة الجزائرية على إبقاء باب الاتصالات مفتوحا مع المستعمر مع وعيها بسوء نيته ومساعيه لاستدراج قادة الثورة إلى قبول وقف إطلاق النار أولا ثم التفاوضبعد ذلك. لكن هيهات هيهات فقادة الثورة الجزائرية كانوا بالمرصاد لهذه المحاولات أولا عبر انتصاراتهم العسكرية المتكررة ثم بنجاحهم في تدويل القضية الجزائريةوفضحهم لمناورات ديغول وترهاته الممتثلة في"سلم الشجعان" و"القوة الثالثة" و"مشروع قسنطينة" و"مخطط شارل" إلى غير ذلك من المناورات والخزعبلات.

لقد دخل ديغول مرغما لا بطلا وبشكل رسميعبر خطابهالذي ألقاه يوم 14 جوان 1960في مفاوضات مع الحكومة المؤقتة التي كلفت في الـ 25 من نفس الشهر السيدين محمد الصديق بن يحي وأحمد بومنجل معا، بإجراء محادثات مع فرنسا بمدينة مولان الفرنسية، لمدة أربعة أيام، انتهت بالفشل، بسبب إصرار الفرنسيين على الحصول على وقف إطلاق النار وإرجاء البت في القضايا الأخرى لما بعد ذلك. كان قادة الثورة متفطنين لهذا المقلب الخطير وتواصلت الأحداث عاصفة لاسيما مظاهرات 11 ديسمبر من نفس السنة فأرغمتحكومة ديغول على العودة إلى طاولة المفاوضات. وبمساع سويسرية، هذه المرة تجددت اللقاءات بين الطرفين في 20 ماي 1961، بمدينة إيفيان، والتقى الوفدان الجزائري والفرنسي في جلسات باءت بالفشل، بسبب نية فرنسا فصل الصحراء عن باقي إقليم الجزائر ومحاولة فرض الجنسية المزدوجة على الفرنسيين الجزائريين.

ولم تعاود الحكومة الجزائرية المؤقتة اتصالاتها بالمستعمر إلا بعد أن تحصلت على اعتراف شارل ديغول، يوم 5 سبتمبر 1961، بسيادة الجزائر على صحرائها. وبعد المفاوضات التي جرت بمدينة لي روس، ما بين 11 و19 فبراير 1962، ومصادقة المجلس الوطني للثورة الجزائرية على مسودة المحادثات، دخلت المفاوضات المرحلة النهائية، بالتاريخ الحقيقي، 8 أوت 1961 وتوجت تلك المفاوضات بإعلان توقيع اتفاقيات إيفيان، وإقرار وقف إطلاق النار بتاريخ 19 مارس 1962.

والعاملان الأساسيان لنجاح هذا المسار وعدم وقوعه فريسة لمؤامرات المستعمر هما يقين الجزائريين وقناعتهم بأن وطنهم كل لا يتجزأ وتمسكهم بالكفاح المسلح وسيلة وحيدة حتى رضوخ المستعمر لمطالبهم وهذان عاملان اساسيان وحاسمان في حروب التحرير الناجحة ومن خالفهما وقع في متهات ومخاطر الاستقلال المنقوص والهيمنة.

وإذ تعيش الجزائر اليوم في نعمة الاستقلال وتستنشق عبق الحرية الصافي فإنها تضع دوما نصب أعينها تضحيات أولئك الذين على أجسادهم بني صرح الاستقلال وتضل وفية لهم أبدا الآبدين.

.فلتعش جزائرنا حرة منيعة إلى البد

السفير د. محود براهم

 

جميع الحقوق محفوظة - وزارة الشؤون الخارجية و الجالية الوطنية بالخارج - 2023